سكّري الأطفال - د. غدير أسعد إلياس سكّري الأطفال - د. غدير أسعد إلياس

سكّري الأطفال - د. غدير أسعد إلياس

سكري الأطفال

يزداد انتشار سكّري الأطفال في الأعوام الأخيرة لأسباب مختلفة، يتوفر الأنسُلين في السنوات الأخيرة بتقنيات وبتطور مستم، هناك أبحاث عديدة لمحاولة إيجاد علاج شافي.

يتصّف السكّري بإرتفاع تركيز السكّر بالدم الناجم عن عدم إنتاج كمية كافية من هرمون الأنسُلين من قِبل خلايا بيتا أو انخفاض حساسية الأنسجة للأنسُلين، أو كِلا الأمرين.

يُعرّف النمطان الرئيسيان المسببان للسكّري بالنمط الأول والنمط الثاني، بينما يشكّل النمط الأول النوع الأساسي لحالات السكّري عند الأطفال. توجد العديد من المسببات الأخرى النادرة للسكّري كالطفرات الجينية، إلتهاب البنكرياس المزمن (أو التليّف الخلوي)، بعض الأدوية وأسباب أخرى.

سكّري نوع - نمط 1 (Diabetes mellitus Type I): يتميّز هذا النوع  بخسارة خلايا بيتا الموجودة في "جزرلانݘرهانس"، وهي مجموعة خلايا موجودة في البنكرياس المسؤولة عن انتاج الانسُلين. للإنسُلين وظائف عديدة في الجسم أهمها وظيفته في إدخال السكّر إلى الخلايا كمصدر الطاقة. عدم وجود الانسُلين يؤدي إلى إرتفاع نسبة السكّر في الدم، وعدم قدرة الخلايا المختلفة على مزاولة وظائفها.

السبب الرئيسي لخسارة خلايا بيتا هو خلل في جهاز المناعة يؤدي إلى مهاجمة ذاتية للخلايا وتدميرها. لم يُعرف بعد السبب الرئيسي لبداية الخلل وظهور المرض. هناك عوامل بيئية وراثية وربما العدوى بفيروسات معينة تساهم وتعجِّل في ظهور المرض.

لا توجد حتى اليوم وسيلة للوقاية من الإصابة بسكّري النمط الأول وما زالت العديد من الأبحاث جارية بهذا المجال.

أعراض سكّري الأطفال:

سكّري النوع الأول هو حاد البداية والمقصود بكلمة حاد البداية هو أن ظهوره يحدث خلال أسابيع معدودة أو شهور وليس خلال سنوات عديدة كما هو الحال في سكّري النوع الثاني. ونرى بعض أهالي السكّريين يستغرب حدوث السكّري فجأة وخلال أيام قليلة.

الأعراض المتعارف عليها في البداية هي التبوّل المتكرّر بكميات، العطش الشديد، فقدان الوزن رغم زيادة الشهية لتناول الطعام، التعب الإرهاق وتشوش النظر، وقد تستمر لفترة تتراوح ما بين أسبوع وحتى أسبوعين وأحيانًا حتى أشهر.

عدم التعرف على المشكلة وارتفاع متواصل لنسبة السكّر في الدم قد تؤدي الىتحمُّض الدم الكيتوني، وهي حالة متدهورة تتميّز بوجود رائحة الأسيتون في نفَس المريض، سرعة وعمق التنفس، زيادة التبول فقدان الشهية، الغثيان والتقيؤ، أوجاع البطن وكذلك تتميّز بوجود حالة متغيرة من حالات فقدان الوعي. وعندما تكون الحالة شديدة، يتبعها غيبوبة قد تؤدي إلى الموت. ولذلك فإن تحمُّض الدم الكيتوني هو حالة طبيّة خطيرة تتطلب إرسال السكّريّ إلى المستشفى.

علاج سكّري الأطفال:

إن السبب الرئيس للسكّري النوع الأول هو فقدان الإنسُلين ولذلك فإن العلاج الوحيد هو التعويض بالإنسُلين وليس هناك مجال لعلاج السكّري النوع الأول بالحبوب المخفضة للسكّر أو بالأعشاب أو بغيرها.

تعتبر المعالجة بالأنسُلين ناجعة ولكنها تستمر مدى الحياة والمفروض أن لا يؤثر بصورة كبيرة على الأنشطة الحياتية للسكّريّ. ينبغي على المصاب بالسكّري إتّباع خطة إدارة ذاتية منظّمة جيدًّا تتضمن استخدام الأنسُلين، ومراقبة مستويات السكّر المستمر بالدم، ممارسة نشاط جسدي، وإتّباع نظام غذائي صحيّ بمراقبة واستشارة أخصائي التغذية.

 الانسولين: هناك عدة أنواع من الانسُلين تختلف عن بعضها بمدة فعاليتها وسرعة بداية تأثيرها. يجب توفير هذا الانسولين على مدار الساعة، لذلك يجب حقن الانسولين أو أنواع مختلفة من الانسولين حسب تعليمات الطبيب بتزامن مع الوجبات أو قبل الوجبات.

يتوفر الانسُلين في السنوات الأخيرة بتقنيات وبتطوّر مستمر، كذلك مضخات الانسُلين التي تكون مع السكّريّ ويمكن برمجتها لحقن الكمية المطلوبة دون الوخز المتكرر.

شفاء النمط الأول من السكّري:

لا يوجد علاج عملي للنمط الأول من السكّري.

هنالك العديد من الدراسات لمحاولة إيجاد علاج ممكن. بعضها ركزت على زرع بنكرياس أو خلايا بيتا بديلة.

يمكن إعتبار إن السكّريين الذين أجروا عملية زرع بنكرياس أو بنكرياس وكلية، عندما تطور لديهم فشل كلوي سكّري، وأصبحوا لا يتعاطون الأنسُلين قد "شفوا" من السكّري ولكن هذه العملية تتطلب عموماً أدوية مثبطة للمناعة على المدى البعيد ويبقى هناك احتمال أن يرفض الجهاز المناعي العضو المزروع.

تم إجراء عمليات زرع خلايا بيتا غريبة عن الجسم المزروعة فيه ولكن تبقى هذه الطريقة غير عملية في الممارسة الطبيّة المعتادة ويرجع ذلك جزئيًا إلى ندرة المتبرعين بالخلايا بيتا. ومثلها مثل أي عملية زرع عضو غريب فإنها تثير الجهاز المناعي ويتم الإستعانة بأدوية تثبط الجهاز المناعي لمدة طويلة لحماية العضو المزروع. وقد تم اقتراح طريقة بديلة لوضع خلايا باء المزروعة في وعاء شبة منفذ لعزلها وحمايتها من الجهاز المناعي.

ويُبحث الآن في استخدام التقنية الدقيقة وتقنية النانو لعلاج النمط الأول من السكّري.

في مجالات البحث العلمي التكنولوجي المستقبلي محاولات لإيجاد مضخات ذكية قادرة على مراقبة مستويات السكّر وحقن كمية الانسُلين حسب النتائج، ما يُسمى "البنكرياس الإلكتروني".


د. غدير أسعد-الياس. متخصّصة بطب الأطفال وبأمراض غدد وسكّري الأطفال. وحده سكّري الأطفال مستشفى العفولة.